Thursday, May 18, 2006

زيرو تلاتة

ملحوظة صغيرة : محمود و عبد الرحمن يتحدثان بلهجة مسرحية بعض الشىء من حيث المبالغة فى الأنفعالات و طريقة الكلام
يجلس محمود و رضوى على شاطىء البحر
رضوى : بس يا سيدى وزى مابقولك كده عمى مظبط لنا كل حاجة فى الشركة اللى هوا بيشتغل فيها وخلاص حنبتدى إنشاء الله من الشهر الجديد وبالنسبة للأقامة إنت ممكن تقعد عند خالتك اللى ساكنة ى الهرم وانا حروح أقعد مع عمى
محمود : مش حاسافر القاهرة يا رضوى مش حقدر أسيب إسكندرية
رضوى : أيه الكلام ده , أُمال عايزنا نفضل هنا فى إسكندرية فى الشغلانة الكحيانة اللى إحنا فيها دى ونتجوز بعد مية سنة إنشاء الله
محمود : بَُصى يا رضوى عايز أقولك حاجة لو رحنا القاهرة , أوكدلك إننا حنبعد عن بعض وحنتوه عن بعض والله
رضوى : يا سيدى ماتخافش أنا حافظة القاهرة كويس وحبقى أمسك أيدك فى الشارع يا زغنطوط علشان ما تتوهش منى
محمود : مش قصدى كده يا هبلة قصدى إن سفرنا للقاهرة معناه إنتهاء الحب اللى بينا
رضوى : أيه الكلام الغريب اللى بتقوله ده
محمود : بُصى يا رضوى الحب اللى بينا ده مش قايم على إننا بنحب بعض وبس ده قايم على حاجات تانية كتير إسكندرية أهمها , إسكندرية بتقربنا من بعض أكتر فى كل خطوة بنمشيها فى شوارعها , مع كل نسمة بحر مع ( يقطع كلامه ) إنتى مابتحبيش إسكندرية ولا أيه
رضوى : بحبها أه بس ده ما يمنعش إنى ممكن أسيها لو لقيت مكان أحسن أعيش فيه
محمود : مشكلتك إنك مش قادرة تحسى بجمال إسكندرية , إسكندرية مش بحر أو كورنيش عشاق أو حتى ترام بدورين , إسكندرية دى تحسى بطعمها فى المنمنمات الصغيرة اللى ما تقدريش تشوفيها بالقلب المجرد , تحسيها كده وإنتى بتطلبى زيرو تلاتة من برة إسكندرية , تحسيها لو سمعتى حد بيقول فلافل و جومة و طماطم , تحسيها و إنتى بتتمشى فى صفية زغلول يوم الجمعة إتناشر بليل
رضوى : كلامك حلو و جميل أوى يا محمود بس مايأكلش عيش للأسف
محمود يتنهد : إنتى عارفة يا رضوى أنا معاكى إن القاهرة ممكن تكون أجمل من إسكندرية وفيها فرص عمل أحسن وخدمات ومرافق أحسن ووووو , بس مش معنى إن فيه حاجة جميلة إننا نحبها , عندك مثلاً سارة بنت خالتك أحلى منك , يارا اللى كانت معانا فى الكلية أحلى منك ماتبصوليش أوى كده أنا دلوقتى بقول اللى فى قلبى , البنت اللى معدية قدامنا دى أحلى منك , بس أنا بحب مين أنا بحبك إنتِ , أنا لما إخترتك ما إخترتكيش عشان إنتى حلوة أنا إخترتك علشان إنتى رضوى , علشان إنتِ نصى التانى , إسكندرية برضوه كده بتخليكى تحبيها بالرغم من إنك عارفة إنها مش جنة و, بس صدقينى أى حاجة حلوة من الحاجات اللى فى إسكندرية بتخليكى تسامحى المدينة على أى حاجة وحشة شوفتيها فيها أو أذى حصلك فيها , إسكندرية يا رضوى حاولى تحبيها زى ما هيا بتحبك
يتبادل محمود و رضوى النظرات فى صمت ثم ينظران للبحر
محمود يبدأ فى الغناء : حبيتك بالألكس حبيتك بالمكس
تبتسم رضوى
محمود : أيه مالك زى ما تكونى أول مرة تسمعى الأغنية دى
رضوى : الأغنية إسمها حبيتك بالصيف
محمود يضحك : لا يا ماما ده اللى أمثالك يعرفوه , بس اللى أنا بغنيها دى الأغنية الأصلية بس حصلت مشاكل بعد كده بين اللبنانيين والمصريين فغيروا كلمات الأغنية وخلوها الأغنية اللى الناس عارفينها دلوقتى , شكلك كده مش مصدقانى
رضوى : الصراحة اه
محمود : بذمتك أنا عمرى كدبت عليكى , بلاش دى أنا فعلاً كذا مرة كذبت عليكى قبل كده كتير , بس عمرى ماقلتلك معلومة فنية وطلعت غلط , متخيلة يا رضوى الست العظيمة فيروز بنفسها غنت للأسكندرية وده غير إنها غنت كمان شط أسكندرية إزاى تهون عليكى إسكندرية يا رضوى إزاى بقى الناس كلها نفسها تسكن فيها و إنتى عايزة تسبيها ده كلام بقى ده إسمه كلام
رضوى : بصُ يا محمود أنا معاك إننا ممكن نتجوز فى إسكندرية بس يدوب حنعيش على الأد , وعيالنا حتتبهدل يا محمود
محمود : بُصى يا رضوى حاولى كده توسعى خيالك معايا و إستوعبى المشهد الجاى ده بعد خمستاشر سنة كده
محمود و رضوى يشاهدان التلفزيون فى غرفة النوم يدخل عبد الرحمن إبنهم إلى غرفتهم
عبدالرحمن : بابا عايز أروح إسكندرية بقى الصيف ده
محمود ينظر لرضوى ويقول لعبد الرحمن : مينفعش يا عبد الرحمن مانا قولتلك قبل كده إن أنا و مامتك متفقين إن إحنا لو سبنا إسكندرية مش حنرجعها تانى
رضوى تبدأ فى البكاء
عبد الرحمن فى توسل : بس أنا بحبها أوى يا بابا
محمود : إزاى يا عبد الرحمن و إنت عمرك ما شفتها
عبد الرحمن : من حكاياتك الجميلة إنت وماما عنها , عن كورنيشها اللى بيسهر للصبح , من حلاوة كلمات فلافل و جومة و طماطم فى بق رامى الأسكندرانى صاحبنا , من الرعشة اللى بتجينى وانا بطلب زيرو تلاتة لما بكلم تيتة فى إسكندرية
محمود تدمع عيناه : حنفكر إنشاء الله يا عبده و حنرد عليك
يخرج عبد الرحمن من الغرفة
يوجه محمود الحديث لرضوى : عاجبك كده يا ستى , الولد عنده عشر سنين و شكله مابيجبش أكتر من خمس سنين
رضوى : أنا فعلاً قلقانة عليه ولازم نوديه للدكتور
محمود : من غير دكتور يا ماما العملية واضحة زى الشمس , إزاى واحد أصله إسكندرانى يكبر من غير ما ياكل سمك مرة أو مرتين على الأقل فى الأسبوع من غير ما يجرب كبدة الفلاح ولا كفتة بلبع ولا جيلاتى عزة ولا فول محمد أحمد من غير مايظبط دماغه بحاجة من عند البن البرازيلى إزاى يا رضوى إزاى
رضوى : محمود من فضلك بطل تحسسنى بالذنب أنا عارفة إنى غلطت لما سبت إسكندرية بس حاعمل أيه ماكنتش أعرف إن المستقبل حيبقى كده , و إننا حنحس بالغربة أوى كده
محمود : مانا بحاول أرسملك صورة للمستقبل أهوه لعلك تاخدى عظة

عودة للحاضر
رضوى : بصُ يا محمود يا إبن الحلال أنا باخيرك يا إما أنا يا إما أسكندرية
محمود يفكر : بُصى يا رضوى أنا لازم أقولك حاجة أنا بكتب البوست ده فى مدونة إسمها إسكندرانية فلو إخترتك إنتِ , الناس حسيبولى مية مِلة
رضوى : ممممم طب ما تكتبه فى فانتازيا ممكن تغير رأيك
محمود : إنتى عارفة لو كتبته فى فانتازيا حختارك إنتى فعلاً علشان آنا فى فانتازيا بكتب حاجات خيالية , و إنى أسيب إسكندرية و أختارك دى فعلاً حاجة خيالية , أكيد عمرى ما حعملها فى الحقيقة
رضوى : بقى كده طب ماعطلكش بقى , إبقى إشرب من البحر بقى خليه ينفعك
تنصرف رضوى
محمود فى حزن : مع السلامة يا رضوى
ينظر للبحر ثم يتظر لها وهى تسير مبتعدة ثم ينظر للبحر ثانية ً

Posted by ماشى الطريق at 8:03 AM 26 comments



Wednesday, May 10, 2006

كلاكيت قديم لاسكندرية

الزمان: شتاء عام 2005 الساعةُ الحادية عشر مساءاً
المكان: منطقة بمدينة الإسكندرية تسمي: محرم بك أنهيت عملي المسائي مثل كل ليلة ، متوجهاً للمقهى أيضا مثل كل ليلة ، كنتُ راكباً الترام الأصفر (وهو ترام عتيق جدا ويسير ببطء شديد) ، ركبتُ من محطة الرصافة كي أنزل في محطة الشهدا في محطة مصر ، متعباً للغاية أشعرُ أن جسدي سيقع منّي في أي لحظة من الإجهاد ، سانداً رأسي إلي الزجاج أقف علي قدمٍ واحدة وقدمي الأخرى مرتخية ، في محطة جرين، وهي المحطة التي تلي الرصافة مباشرةً تقريباً، طلع إلي الترام رجلٌ عجوز ولكنه يبدو بصحة جيدة يلبس جلباباً فقيراً جداً ولكنه نظيف ومنظاراً طبياً يعطيك انطباعا بأنه كان (مدير عام) سابق بأحدي الهيئات الحكومية وأُحيل علي المعاش ، كان صوته عالٍ ويتكلم مع محصل التذاكر "الكومساري" بحميمية فاستنتجت أنه يعرفه ، وقد كان يضحك مع "الكومساري" بصوت عالٍ أزعج الركاب النائمين ، فركاب هذا الترام دائما تجدهم منهكون للغاية ، سوف تجد دائماً شخصاً نائماً يرتفع صوت "شخيره" تدريجيا وامرأة عجوز تتشح بالسواد ورأسها الصغير ساكناً تماماً علي صدرها بلا حراك ، لن تجد شباباً مرحين يتضاحكون ، بدأ الرجل يلفت الانتباه بصوته العالي وسمته الوقور ، ثم فجأة وبدون أي مقدمات بدأ يغني ..أغنية قديمة لفريد الأطرش لا أتذكرها ولكنها حزينة الإيقاع ذات رتم خلاب ، كان صوته عالٍ جداً وصافٍ ، أسمع عربة الترام كلها لا تستطيع أن تقول أن صوته جميل ولكنه آسر يرغمك علي سماعه ، بدأت الناس تنظر له باستغراب ثم بدأت الابتسامات تتسلل إلي الشفاه مع كلمات الأغنية ، انتهت الأغنية ، فلضمها بأغنية أخري لفريد الأطرش أيضا ، المرة دي كانت أغنية "اشتق تلّك" وواحدة واحدة الابتسامات تحولت لضحك والانفعال الشديد تحول لتصفيق مع الأغنية بدأت بواحد صفق ثم أصبحوا اثنين فثلاثة ، بدأ الحماس يرج الترام وصوت التصفيق جعل المارة في الشارع ينظرون للترام بتعجب وفضول ، الناس كلها اللي في الترام بتصقف مع الأغنية حتى السواق ، الناس كلها بتضحك ، فجأة نسوا همومهم وتعبهم وغنوا ، سابوا نفسهم خالص ، انا نفسي مع كل الإرهاق اللي كنت حاسس بيه إلا إن عدوي الحماس اتنقلتلي وبدات انا كمان اصقف وأضحك ، اليوم ده بجد كان أول مرة أعرف يعني إيه حب الحياة ، أنا كنت باشعر انه مصطلح سخيف والناس مش مرفهة عشان تحس إنها بتحب الحياة بس اليوم ده اكتشفت إن الناس فعلا بتحب الحياة برغم كل حاجة ، نزلت من الترام في محطة الشهدا علي المحطة أول ما نزلت لقيت محل بسيط بيبيع شرايط كاسيت ومشغل أغنية لمنير أنا مش عارف ازاي المصادفة كانت قوية أوي كده ، لأن كانت الأغنية مضبوطة علي حتة أول مانزلت سمعتها "حب لآخر حتة ف قلبك دوب ..ماتخبيش شوقك ولا حبك دوب دووووب" مشيت في شارع النبي دانيال وأنا حاسس إني طاير ، الأرض عبارة عن بساط سحري والعربيات كتل سحابية ناعمة أوي والناس دول ملايكة من نور.حب لآخر حتة ف قلبك دوب ..دوووب"

Posted by Pianist at 1:47 AM 12 comments