Wednesday, May 10, 2006

كلاكيت قديم لاسكندرية

الزمان: شتاء عام 2005 الساعةُ الحادية عشر مساءاً
المكان: منطقة بمدينة الإسكندرية تسمي: محرم بك أنهيت عملي المسائي مثل كل ليلة ، متوجهاً للمقهى أيضا مثل كل ليلة ، كنتُ راكباً الترام الأصفر (وهو ترام عتيق جدا ويسير ببطء شديد) ، ركبتُ من محطة الرصافة كي أنزل في محطة الشهدا في محطة مصر ، متعباً للغاية أشعرُ أن جسدي سيقع منّي في أي لحظة من الإجهاد ، سانداً رأسي إلي الزجاج أقف علي قدمٍ واحدة وقدمي الأخرى مرتخية ، في محطة جرين، وهي المحطة التي تلي الرصافة مباشرةً تقريباً، طلع إلي الترام رجلٌ عجوز ولكنه يبدو بصحة جيدة يلبس جلباباً فقيراً جداً ولكنه نظيف ومنظاراً طبياً يعطيك انطباعا بأنه كان (مدير عام) سابق بأحدي الهيئات الحكومية وأُحيل علي المعاش ، كان صوته عالٍ ويتكلم مع محصل التذاكر "الكومساري" بحميمية فاستنتجت أنه يعرفه ، وقد كان يضحك مع "الكومساري" بصوت عالٍ أزعج الركاب النائمين ، فركاب هذا الترام دائما تجدهم منهكون للغاية ، سوف تجد دائماً شخصاً نائماً يرتفع صوت "شخيره" تدريجيا وامرأة عجوز تتشح بالسواد ورأسها الصغير ساكناً تماماً علي صدرها بلا حراك ، لن تجد شباباً مرحين يتضاحكون ، بدأ الرجل يلفت الانتباه بصوته العالي وسمته الوقور ، ثم فجأة وبدون أي مقدمات بدأ يغني ..أغنية قديمة لفريد الأطرش لا أتذكرها ولكنها حزينة الإيقاع ذات رتم خلاب ، كان صوته عالٍ جداً وصافٍ ، أسمع عربة الترام كلها لا تستطيع أن تقول أن صوته جميل ولكنه آسر يرغمك علي سماعه ، بدأت الناس تنظر له باستغراب ثم بدأت الابتسامات تتسلل إلي الشفاه مع كلمات الأغنية ، انتهت الأغنية ، فلضمها بأغنية أخري لفريد الأطرش أيضا ، المرة دي كانت أغنية "اشتق تلّك" وواحدة واحدة الابتسامات تحولت لضحك والانفعال الشديد تحول لتصفيق مع الأغنية بدأت بواحد صفق ثم أصبحوا اثنين فثلاثة ، بدأ الحماس يرج الترام وصوت التصفيق جعل المارة في الشارع ينظرون للترام بتعجب وفضول ، الناس كلها اللي في الترام بتصقف مع الأغنية حتى السواق ، الناس كلها بتضحك ، فجأة نسوا همومهم وتعبهم وغنوا ، سابوا نفسهم خالص ، انا نفسي مع كل الإرهاق اللي كنت حاسس بيه إلا إن عدوي الحماس اتنقلتلي وبدات انا كمان اصقف وأضحك ، اليوم ده بجد كان أول مرة أعرف يعني إيه حب الحياة ، أنا كنت باشعر انه مصطلح سخيف والناس مش مرفهة عشان تحس إنها بتحب الحياة بس اليوم ده اكتشفت إن الناس فعلا بتحب الحياة برغم كل حاجة ، نزلت من الترام في محطة الشهدا علي المحطة أول ما نزلت لقيت محل بسيط بيبيع شرايط كاسيت ومشغل أغنية لمنير أنا مش عارف ازاي المصادفة كانت قوية أوي كده ، لأن كانت الأغنية مضبوطة علي حتة أول مانزلت سمعتها "حب لآخر حتة ف قلبك دوب ..ماتخبيش شوقك ولا حبك دوب دووووب" مشيت في شارع النبي دانيال وأنا حاسس إني طاير ، الأرض عبارة عن بساط سحري والعربيات كتل سحابية ناعمة أوي والناس دول ملايكة من نور.حب لآخر حتة ف قلبك دوب ..دوووب"

Posted by Pianist at 1:47 AM



12 Comments

  1. Blogger Geddo Iskandar posted at 6:06 AM  
    طاقة ...

    أظنها الطاقة الإيجابية ...
    حب كل انسان انه يبتسم ...

    لكن الدنيا رافضة اليومين دول ...
    يمكن 2006 دي سنة كئيبة !!

    يمكن !!
  2. Blogger M. El-Hajj posted at 10:13 AM  
    متدوب يا عم :D

    دوووووووووووووووووووووب يابا
  3. Blogger 7ader posted at 10:44 AM  
    جميلة قوي وخصوصاً لو كان ترام اصفر وبعدين تصقيف الناس ده بيعبر عن ان الشعب كله لسه عنده حس نضيف
  4. Blogger Unknown posted at 12:44 PM  
    الغنا باحساس حتى لو صوتك وحش
    فكرتني بليلة
    كنا في معسكر واكتشف رئيس الوفد الفلسطيني واللي بيعزف عود كويس جدا وبيغني كويس جداجدا انى المصرية الوحيدة اللى عارفة اغانى الشيخ امام بجانب شوية سوريين وفلسطنيين واردنيين عارفينه كويس وحافظين اغانيه
    لما غنينا بجد وغنينا بإحساس
    اكتشفنا ان الاغاني وصلت للكل وابتدوا يرددوها من غير ما يعرفوا حتى هي بتاعة مين وكان لحنها جديد على ودانهم تماما هي فعلا طاقة
    طاقة بتخرج من جواك وبتتولد في ارواح كل اللى حواليك
  5. Blogger tona posted at 9:16 AM  
    واضح انك رومانسي واحساسك حلو
    وعايزة اقول لك ان حب الحياة موجود عند كل الناس وان كان احيانا مبيبقاش باين من كتر الضغوط
  6. Blogger Pianist posted at 3:31 PM  
    geddo iskandar:
    فعلا هي طاقة ايجابية
    واذا كانت 2006 كئيبة ف اللي جاي اكأب
    zengy:
    ماشي ياعم بس ماتزقش
    vladimir:
    مبسوط ان القصة عجبتك
    zar:
    الترام فعلا كان اصفر
    geronimo:
    اللي انتي حكتيه احلي من اللي انا حكيته
    مش معقولة كده يعني
    :)
    tona:
    انا مش رومانسي وبس ده الرومانسية يعني انا وانا يعني الرومانسية
    اهلا بيكي يا فندم
  7. Blogger Pianist posted at 3:31 PM  
    This comment has been removed by a blog administrator.
  8. Blogger شــغــف posted at 4:22 PM  
    الاحساس العام الملل فى الترامة الصفرا.. المشاهد بتمر والكل بيتسائل ما خلف الحياة ..

    وبعدين حلاوة الروح ومنير .. كأن العالم فى اللحظة دى قرر ان يديك اجازة ويضحك

    الكلمات سلسه اوى لدرجة تخليك عايز تصقف وبعدين تضحك بمرارة ..
  9. Blogger nomade posted at 9:39 PM  
    i had a similar experience in marsellies ,i saw talk to her the almodovar film and when i came out of the cinema i ran in the streets happy and flying like a bird
  10. Blogger الحياد لغة posted at 11:38 AM  
    قصتك دي تتطابق اوي مع الرسالة الي بيعلنها منير في كتير اوي من اغانيه\
    " الدنيا لو جارحة لونها لون فرحة , مهو ايه بيهون عمر الواحد غير غير الفرحة "
    " أفرح اغني أحزن أغني أتعب أغني
    الدنيا ماشية غصب عني في ايديا ايه غير اني اغني"\
    " علي صوتك بالغنا\
    لسه الاغاني ممكنة ممكنة

    عجبني اوي الموقف ده وحسسني بانفراجة امل صغيرة في باب الحياة المصدي الي مش راضي يفتح للناس قلبه
    تحياتي
  11. Blogger ٌRonin posted at 6:12 PM  
    سلامو عليكوا
    بص يا ريس انا حصل معيا نفس اللى حصل معاك وفاكر اللى حصل زي ما يكون امبارح
    كان الكلام دة اول يوم فى العيد الصغير
    نزلت على الساعة7 كدة من غير ما اتفق مع حد من زمايلى و مالقتيش حد فيهم فاضى
    كنت فى الابراهيمية
    مستنى المشروع يعدي البلد زحمة وانا واقف حزين مش عارف اعمل اية واروح فين نفسى اعقد مع اي حد اتكلم معاه
    عدا الاتوبيس ... بصيت لقيته مش زحمة اوي قولت خلاص اتكلنا على الله وركبت
    شوية و قرب شارع لاجيتيه كدة ركب راجل كبير فى السن
    بتاع 65 سنة كدةلابس لبس نضيف والراجل شكله نضيف تحبه من اول ما تشوفه تحس انه جدك او ابوك او عمك الكبير
    كنت واقف مديله ضهرى و فجاة بدا يغنى اغنية لفريد الاطرش بتاعه الحياة حلو ة
    انا قولت دة ماله دة بس صوته شدنى صوته فعلا زي فريد الاطرش نفس البحة ونفس النغمات
    وبدات اتجاوب معاه
    والاتوبيس كله بدا يغنى معاه و بدا الراجل يغنى لفريد تانى بس اغنية ادي الربيع
    و بدا يتكلم ويقول انه فى تشابه ودة فعلا بينه وبين صوت فريد وانه بيتطلب فى الحفلات عشان يغنى بس هو مش بيرضى يروح الا للناس اللى بيحس انهم لسه عندهم ذوق وحس رفيع و بيروح من غير ما ياخد ولامليم
    قرب ساعة الزهور بدات احس انى عايش وان الحياة حلوة بجد
    وانى كنت غلطان لما اكتئبت و زعلت عشان مافيش حد اتكلم معاه
    نزلت من الاتوبيس و رحت جري على اخونا الكبير -عم الاسكندرانية كلهم البحر
    اتمشيت لحد كامب شيزار تانى و قعدت فى مكانى المفضل و بعد شوية حسيت انى روحى ارتقيت وصفيت

    بجد ساعتها حسيت ان الحياة حلوة وان لسة احنا كويسين و فيه ذوق
    اسكندرانية بقى
    eleskenderia.blogspot.com
  12. Blogger بنوتة مصرية posted at 4:58 AM  
    الف مرة ومرة بعدى من هنا عشان اشم ريحة اسكندرية والبحر والسعادة والناس الغلابه الجميلة البسيطة .. انا هنا بكون سعيدة قد ايه بكون فى قمة النشوة كلما قرأت التدوينه دى الف شكر يا كاتب التدوينه كل مة بتنقل لى احساس افقدة فى اواقات متفرقة وبكون نفسى احسه بصدق بجد .. بحس به لما اقرا التدوينه دى .. هى دى الناس هى دى السعادة

Post a Comment

« Home